في ذكرى رحيله .. وقفة على أطلال نزار قباني

سكارى الرّياحين
والوقت يمحو حدود النّدى
وقرع النّواقيس فوق حدودي
يكاد يميت صداه المدى
وليل المسافات يطوي حنيني
وهمس الصّحارى يذيب أنيني
وناري الحبيسة بين الضّلوع تلملم من قلقي كلّ حرفٍ
لينأى الكلام
ويدمى المكان
وتبكي السّطور هواي الدّفين
(( وإنّي أحبّكِ ))
ما زال يشدو
وما زلتُ أصغي
هناك التقينا
زمانٌ من الحبر ما بيننا
وماضيه يحكي غدي بالجراح
وبالياسمين ارتوت ذكرياتي
كأنّ الشّآم احتوتنا عطاشاً
حكى برداهُ ...
حكيتُ فراتي
وما بين عشقين كان الطّريق
وظلّت حروف النّداء حيارى
وظرف الزّمان يبيع المكان
ونحن الرّهان
(( وإنّي أحبّكِ ))
كالأمس حين قرأتُ الزّوايا
ورقرقتُ ما بين عينيكِ شعري
تولاّكِ قبلي
فكنتِ التّأمّل ...
كنتِ التّوحّد
كنتِ المرايا
وكوبٌ من الشّاي يحكيكِ عطراً
وقطعة سكّر
(( صباحكِ سكّر ))
أما زلتِ كالأمس لا ترجعين ؟؟
أما زلتِ مثل رعايا بلاديَ لا تتغيّر حالٌ عليهم ؟
أللآن تكفيكِ قطعة سكّر ؟
ويعشق وجهكِ من غير سكّر ؟
أحبّكِ أكثر ....
يقول نزارٌ : (( صباحكِ سكّر ))
وقلبي يقول صباحكِ سكْـرٌ
وكان يحبّكِ مثل الكثيرات
لكنّني قد أحبّك أكثر ...
(( فلا تحسبي أنّ شيئاً تغيّر ))
فما أبلغ الشّعر حين يراكِ
وما أكذب الشّعراء اليتامى
وتمّوز ما زال بالباب يرعى لنيسان أزهاره
وقرع النواقيس يحيي اشتياقي
وطعم الفراق يذيب المآقي
وأحلامي الشّقر في كلّ فصلٍ
تسافر من دمعةٍ لاحتراق
وكلّ المحابر حولي عنيده
سطوري العديده
دفاتر شعري
قصائد لمّا يلدها الزّمان
وأمّة حرفي
وما غيرنا يستبيح القصيده
وجيد دمشقَ الْتوى كالصّباح
وطوّقه الحبل من كلّ صوبٍ
فأطلق زفرته واستراح
وللحزن وجهٌ يلملم عشقي
ويزرع في كلّ حرفٍ هيامي
ونخل العراق يحيّي ظمانا
ورمل الجزيرة يحكي الزّمان
ودفء المكان جفاه الأمان
وبلقيس عادت
وما من نبي
وعينا الشّآم كتابا غرامٍ
يهيمان في ذكريات صبي
وللحلم تحملني الذّكريات
كداليةٍ صفّقت للسّبات
تدقّ على بابها الأمنيات وتنشر في كلّ صيفٍ عبيراً
لعلّ الزّمان يعيد صباهُ
ويخمد في العام هذا انتظاري
وينفض عن ذكرياتي الغبار
ويرجع تمّوز ما قبل موتي
(( ففي الصّيف لا بدّ يأتي أبي ))