أسلوب أداء الممثل في مسرح بيتر بروك التجريبي
أن الحدث في مسرح (بروك) يخلق جسراً بين الحيز الاجتماعي الحقيقي وبين ما يقطن خلف ذلك الحاجز من معانٍ، ولغرض الوصول إلى تلك المعاني يتم استخدام كم من الإشارات على شكل صورٍ ذات نسيج موحد تخلق مكاناً آخر يختلف عن ما هو ظاهر، عن منطق الأحداث التي ستكون هي الفاصل المشترك للمتلقي في بحثه عن تفسير وقراءة للأحداث.
غير انه كان ميالاً إلى المسرح الطقسي الذي تمتد جذوره إلى النشأة الأولى للطقس المسرحي. كان يمقت التكرار ويبحث دائماً عن التجديد، لأن التكرار كان يعني بالنسبة لـ(بروك) موت الإبداع وموت الإبداع يعني موت الفنان.
أن (بروك) قد اعتمد الاختزال على مستوى الفعل على عكس ما تبناه (ستانسلافسكي) في بناء الشخصية. والفعل لدى بروك هي مجموعة من الحركات والإشارات والإيماءات يتم توظيفها وفقاً لضرورات التعبير لم يكن يخطط مسبقاً لتجربته الإخراجية بل كان يؤكد ويركز على الوحدة الجماعية التي كانت تعتمد على الارتجال وتبادل الأدوار وتلك هي الأسس التي كانت تقوم عليه تجاربه المسرحية. إذ كانت هناك اكتشافات متواصلة على مستوى الحركة والدلالة والإيماءة والإشارة لا يستقر بها المطاف حتى تستقر التجربة معتمداً في جميع تجاربه المسرحية على ممثلين مختلفين من جنسيات وثقافات مختلفة. مما يعطي تنوعاً في جميع المفردات التي كان يستخدمها في العرض انطلاقاً من تحليله البيئي الاجتماعي للحركة بشكل خاص وبقية العناصر بشكل عام ، ويمكن تلخيص ابرز مميزات أداء الممثل في مسرح بروك ، بالاتي .
1) الممثل كان يسير وفق خطة السكربت بداية إخراج بيتر بروك إلى أن الممثل أصبح أكثر حرية بعد تخلي بروك عن السكربت ومنح الممثل فرصة اكبر لإبداعاتهم الذاتية.
2) الممثل يعتمد في إعداده للدور على أسلوب التمرين الجماعي بمعنى قيام عدة ممثلين بأداء شخصية واحدة .
3) الممثلين مختلفين في أصولهم وجذورهم فضلاً عن تباين مستوياتهم واختلاف مدارسهم واتجاهاتهم وثقافاتهم ضمن العرض الواحد .
4) الممثل يعتمد أسلوب الكولاج (القص واللصق) بمعنى قيام الممثل بأداء مشاهد مختلفة في ذات الوقت لا يشترط ترابطها .
5) الممثل يستند طريقة الارتجال إذ يمكن لعدة ممثلين الدخول بالتتابع ليكمل كل منهم ما انتهى إليه الممثل السابق من ارتجال .
6) الممثل في مسرحه هو الأساس بما يمتلكه من طاقات مخزونة وكان يستعين بالتقنيات لا لأجل البهرجة أو استخدامها لجماليات ليست لها معنى .
7) يرتبط الممثل ارتباطا جذريا بمسرحه مع أهمية المتلقي حيث يشير بروك إلى أن كل ما يقتضيه الفعل المسرحي هو أن يقطع شخص عابرا تلك الرقعة بينما يراقبه شخص آخر .