[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


خرق جدار الصمت النادر بينهما, ثم تجرأ وقال: هل يمكنني ان اراكِ؟
قالت :أين؟
قال :على الكام...
ارتجفت أنامله هذه المرة وهي تنتقل بين حروف الكيبورد.ثم جاءه الرد:لم تطلب هذا الطلب منذ بداية تعارفنا منذ سنتين, وأنت القائل أن الشكل هو أخر ما يهمني, وأن الجوهر والروح هي الاساس.
_ صحيح، وأنا عشقت جوهرك وروحك, وتمكن حبك من كياني, ورؤيتي لك لن تغير شيئا من هذا.فقط هو الفضول.قالها كالطفل الذي يطلب لعبة ليست من حقه.لفه طيف من الندم الخجول لهذا الطلب.كان يخشى من أي همسة تجرح مشاعرها. ولطالما حرص على ذلك. لم يكن ينوي أن يستغل حبها له. حاول أن يقول لها ذلك,لكن أنامله لم تتجرأ.تأخر الرد, بادر الى خرق جدار الصمت بعزيمة واضحة هذه المرة:حسنا, لن أضغط عليكِ, انس الموضوع.
أصلا,تلبية هذا الفضول لن تقدم أو تؤخر في شيء.لا عليكِ.
كان قد قرر الالتفاف الى موضوع أخر لتلافي احراجها أكثر,عندماوصلته دعوة منهالرؤيتها.
جعلته المفاجأة يتردد. عرفها منذ عامين,عندما كانت في الثالثة والعشرين, تحادثا طويلا منذ ذلك الوقت, تناقشا في كل المواضيع تقريبا, نادرا ما تعارضا في وجهات النظر.
قرر أن يبوح لها بحبه بعد سنة من الشات تقريبا, رغم انه لم يرى صورتها من قبل وهو لم يطلب ذلك. فقط وجد في منطقها وروحها وفهمها للحياة, الفتاة التي طالما حلم بها. كانت تمثل محطة للراحة النفسية في حياته,كان يلجأ اليها كلما المت به الصعوبات, وكان يجد ملجأ حنونا, وقلبا دافئا ومتفهما, وكلمات كالنسائم.
عندما سمع صوتها للمرة الاولى قفز قلبه من صدره,ظن أنه يخاطب ملاكا. باختصار كانت الفتاة الاكثر انسجاما مع روحه وأفكاره وتطلعاته.
_ هل ستجعلني أنتظر طويلا,أم انك غيرت رأيك؟
وبسرعة ضغط على خانة القبول, حتى لا تسيء فهمه, وتجرفها متاهات التأويل. وانتظر هنيهة...كانت الثواني ثقيلة هذه المرة, كغيوم ملبدة تأبى الهطول. ثم ارتسمت أمامه.
_يا الهي! صرخ فاغرا فاه.لا أصدق عينيي, انت رائعة الجمال.
_رغم انني لم أتعب مخيلتي كثيرا في السابق لأتخيل شكلك, الا أنني لم أعتقد ابدا انك على هذا القدر من الروعة والجمال.
كان يتنقل بين الحروف كما تتنقل أنفاسه المتقطعة, هذه الفرحة الغامرة التي جرفت كيانه,جعلت نبضاته اسرع من أنامله.
_أخشى أن يتوقف قلبي ان تأملتك كثيرا. طأطأت عينيها النجلاوتين, ثم رفعت يدها لتعيد خصلة من الشعر التي ربما انسدلت لتخفي حمرة خفيفة ارتسمت على وجنتيها.
اختمر القرار سريعا في ذهنه.لم يكن ممن يتعجلون القرارات قبل تمحصها. لكن هذه المرة كان واثقا جدا.امتدت أنامله لتطبع كلمات قصيرة بدون أي تردد:_هل تتزوجينني؟
كان راسها لا يزال مطأطئاً لكنها ما لبثت أن رفعته لتواجهه باصرار غريب. عينان رائعتان ترمقانه,لكنهما تختزنان حزنا دفينا,ثغرها الجميل الذي كان يفتر عن ابتسامة ساحرة منذ لحظة,لم تبدو عليه أي انطباعات.
_ كنت اخشى هذه اللحظة.
قال لها :لماذا ؟ والدهشة تأكله.
_لانني كنت أعرف أنك حين تراني, فان ساعة الحقيقة تكون قد حانت.
_أي حقيقة؟
_ الحقيقة الوحيدة التي أخفيتها عنك.أنا عاجزة ولا أستطيع أن امشي, نتيجة مرض عضال اصبت به في طفولتي, واتنقل الان بواسطة كرسي متحرك.
جاءت كلماتها لتجمد الدم في عروقه. شعر وكأنه اصطدم بجبل من الجليد. مرت في راسه كل اللحظات السابقة التي قضاها معها, كل كلمة, كل موقف, وكأنها شريط يدور بسرعة في خياله.
منحته فرصة لاستيعاب الموقف ثم داهمته بسؤالها:_هل لا زلت مصرا على الزواج بي بعد معرفتك بحالتي؟