كنتُ صغيراً لم ابلغ الحلم

كنتُ صغيراً لم ابلغ الحلم
في حضنِ جدتي العب بالقلم
قالت لي جدتي أنت لا تفهم
انك تلعب بسلاح ينسف القمم
قلتُ
انه مجرد قلم
قالتْ
لا انه اخطر سلاح انه العلم
قلتُ
ما أدراكِ وأنتِ لا تقرئي كلم
قالتْ
أنا اجهل الرسوم
وكلمات خطوط العلوم
لكن الحياة علمتني
كيف أعيش اليوم
تعلمتُ من أجدادي حكايات
حفظتها بقلبي دون كتابات
قصصتها على أبيكَ وأمكَ
واليوم لكَ اردد نفس الكلمات
فليس لي في العمر بقية
وحكايات أجدادي ستصبح منسية
فبقلمكَ تحيى حياة أبدية
ترددها من بعدكَ الأجيال
وتحفظها كقصص الخيال
احضر كراسكَ والي تعال
فقصتْ لي حكاية
جميلة للغاية
حكاية هزلية
لكن معانيها قوية
قالتْ
أعطى الله للإنسان ثلاثين عام
وكذلك للكلب والحمار مثلها تمام
قال الحمار
ما عملي
قيل له
تحمل الأحمال
وتنقل الأثقال
وتأكل الأزبال
قال
هذا كثير
وعلي مرير
أريد سبع سنين
قال الإنسان
أضيف الباقي ألي
قال الكلب
وما عملي
قيل
تحرس البيوت
وتنام في العراء حتى تموت
قال هذا كثير
وعلي مرير
أريد سبع سنين
قال الإنسان
أضيف الباقي ألي
ومرتْ الأيام
مات الكلب ومات الحمار
وبلغ الإنسان الثلاثين
فدخل في حصة الحمار
وكما هو الحال
يحمل للبيت الأثقال
يبني ويعمر ويربي الأطفال
وينقل ويجلب طلبات العيال
وما تبقى من الطعام ينال
ويبقى لسنين عل هذا الحال
حتى كبر الأولاد
وعجز عن دق الأوتاد
ولحصة الأخر بلغ الميعاد
لا عمل فقط كلام
أنت احضر الماء
وأنت اذهب اجلب الغداء
أنت لمن تخرج
وأنت عديم الوفاء
كرسيه أمام الباب
والكل منه باستياء
الى أن وجد متجمد
على كرسيه في العراء

قالت جدتي
هذا هو الإنسان
يعيش أول عمره حلمان
وبعدها يتيه في الزمان
يركض ويعمل دون ضمان
حتى يدركه الكبر
ويبلغ عمر الأسر

فضحكت من جدتي
وقلت كم عمرك
هل دخلتي في حصة كلبك
ضحكت وقالت
أنها أمثال
تعلم الإنسان الكمال
تضرب وقياسها محال
فهل كتبت كل ما يقال

الشاعر ضياء الدراجي