[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

اهمية المراة في التطور الاجتماعي

لقد مرت على الشعوب تجارب كثيرة، وضعت خلالها قواعد اجتماعية مختلفة لتنظيم

أفرادها، بعضها جاءت بها الرسالات السماوية، والبعض الآخر انبثقت من شرائع وضعية،

عمل العقل الإنساني على خلقها وممارستها، وكان الهدف الأساس لهذه القواعد هو

الارتقاء ببني البشر في حفظ كرامتهم، وتنمية قدراتهم، ولم نجد في هذه التجارب

جمعاء شيء يثبت إن الشعوب تتطور على أكتاف الرجال دون النساء أو إن المرأة

تمثل كماً مهملا يمكن الاستغناء عنه، بل العكس هو الصحيح، إذ ما من

محاولة تهدف إلى تطوير المجتمع إلا وكان نجاحها مرتبطاً بوضع البرامج الصحيحة
لتطوير المجتمع برجاله ونسائه .

حيث تؤكد الآراء الحديثة الواردة في أدبيات التنمية على أن نجاح برامج التنمية

وضمان استدامتها، وقدرة المجتمع على مواجهة التغيرات الداخلية والخارجية والتواؤم

معها، مرهون بمشاركة العنصر البشري وحسن إعداده وطبيعة تأهيله. وتعتبر المرأة ركنا
أساسيا هاماً في هذه العملية.

إن المجتمعات التي عانت الويلات من الاستبداد والقهر، وسحق لكرامة الإنسان

كمجتمعنا العربي، هي أحوج ما تكون إلى وضع ما تقدم في حسبانها من اجل

حث الخطى لتجاوز ما فقدته من زمن، وثروات طبيعية، وطاقات بشرية، والبدء

في بناء أسس نهضة صحيحة، لتعويض ما فاتها، وبناء الإنسان الحر الشريف، الذي

يبني ولا يهدم، ويوحد ولا يفرق، وينتج ولا يستهلك، الإنسان الذي يعرف دوره وواجبه،
كما يعرف حقوقه وحدود حرياته.

وإذا ما أريد لهذا العنصر أن يكون فعالاً فلا بد أن تتوافر للمرأة معطيات أساسية تمكنها

من المساهمة الإيجابية في حركة التنمية وتوجيهها، ويأتي في مقدمة هذه المعطيات

الإنتاج الاقتصادي الذي يضعها في موضع القوة ويجعلها قادرة على خدمة مجتمعها ،

ويعتبر عمل المرأة في المؤسسات تدعيم لقدرتها الاقتصادية وإعطاء مؤشر واضح على

تفهمها بدورها في بناء المجتمع وقدرتها على المشاركة الحقيقية في التنمية خاصة إذا

ما أدركنا أن دورها في هذه المؤسسات في تطور مستمر نظراً لما وصلت إليها المرأة

من قدرة على الأداء في مختلف المؤسسات العامة والخاصة ويتصل مفهوم المشاركة

بمفهومي التنمية والتمكين اتصالا وثيقاً، فلقد أضحى من المسلم به أن التنمية الحقيقية

يستحيل إنجازها على أي صعيد، دون مشاركة الناس بقطاعتهم المختلفة، وفئاتهم

وطبقاتهم وشرائح الاجتماعية، في صنعها من ناحية، وفي جني ثمارها من ناحية أخرى.

إن درجة المشاركة ونطاقها تحدد إلى درجة كبيرة من خلال توزيع القوى في المجتمع،

بمعنى القدرة على إحداث تأثير في الآخر الذي قد يكون فرداً أو جماعة أو مجتمعاً

بأكمله، إلى المدى الذي نستطيع أن نقول فيه أن المشاركة والتمكين هما وجهان

لعملة واحدة. أي أن المشاركة لا تستهدف فقط تنمية المجتمع وصنع مستقبله بل

تستهدف أيضاً تنمية الذات المشاركة وتطوير قدراتها وإمكاناتها ووجودها الفاعل

والمؤثر في الحياة الاجتماعية على أصعدتها المختلفة ، فدرجة مشاركة النساء في

الجوانب المختلفة للواقع الاجتماعي تقف كمؤشر أساسي على وضع المرأة ومشكلاتها،
ومكانتها وقوتها وتمكنها في المجتمع.

ورغم حداثة مفهوم المشاركة النسائية، وارتباطه بتطورات حديثة في الحركة الاجتماعية

بصورة عامة، والحركة النسائية بصفة خاصة، فان ثمة أشكالاً من المشاركة التقليدية للنساء،

وبصفة خاصة في مجتمعنا لا ينبغي تجاهلها، بل إن أي دعوة لمشاركة المرأة مرهونة في

نجاحها باستلهامها وارتباطها بأشكال المشاركة التقليدية المتجذرة في ثقافتنا، مع إفادتها
في الوقت ذاته بالمدلولات الحديثة لمفهوم المشاركة.

أذن تكتسب المشاركة أهميتها ودلالتها بالنسبة للمرأة وقضاياها من حيث كونها آلية

أساسية لتنمية الذات (المرأة ذاتها) وتنمية الموضوع (المجتمع والواقع الاجتماعي)

وهما بعدان يرتبطان ارتباطاً جدلياً، فالذات أو الشخصية المتفتحة، القوية والمزدهرة

والفاعلة هي القادرة على تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، كما أن

النمو الاجتماعي بدوره يمكن أن يقاس بمدى الفرص التي يتيحها لتحقيق مشاركة

القطاعات المختلفة وتفتحها وازدهارها وفاعليتها.