العلماء يؤكدون صحة ما ذهب اليه انشتاين

بعد عمل استغرق نصف قرن مع انفاق مبلغ
500 مليون باوند، كشف العلماء في الاسبوع الماضي بانهم قد اكتشفوا تقلبات
غريبة في مدار كوكب الارض؛ فقد اعلن علماء وكالة ناسا، العاملين بمشروع
مجس الجاذبية بي، ان علاقة الزمن بالفراغ تنحني ومن ثم تنفتل حول كوكبنا
في الوقت الذي يكون فيه بحالة دوران.يعد التاثير ضئيلا الا انه مهم جدا،
كما يضيف العلماء، وتم التنبؤ به قبل حوالي مئة عام من قبل البيرت انشتاين
في نظريته الرائعة الخاصة بالجاذبية المسماة النسبية العامة. وطبقا
لاينشتاين، فان التفاحة تسقط الى الارض ليس بسبب انها تشعر بقوة جاذبية
الارض لكن بسبب ان التفاحة تستجيب الى انحناء علاقة الزمن بالفراغ الموجود
بالقرب من سطح كوكب الارض والناتج بأثر الكتلة الهائلة للكوكب. والطريقة
نفسها ، تحني الشمس الفراغ بطريقة تسمح لكوكب الارض بالدوران حولها.

وعلى نحو شديد الأثر، ابرزت هذه
النظرية حشدا من تنبؤات اخرى من التي كان العلماء يؤكدونها في القرن
المنصرم. تعد الاكتشافات التي توصل اليها مجس الجاذبية بي هي الاحدث ضمن
قائمة طويلة من هذه البراهين العديدة لعبقرية انشتاين وتكشف كيف ان نظريته
الرائعة تؤثر على حياتنا بطرق غير متوقعة.

يقول فرانسيس ايفيريت، مدير المشروع
والاستاذ في جامعة ستانفورد:"لقد اكملنا هذه التجربة التي تعد كنقطة تحوّل
لاختبار الكون الانشتايني؛ ونتج عنها صدق ما ذهب اليه انشتاين."

بدا ايفيريت العمل في مجس الجاذبية بي
منذ العام 1962 ولم يشتغل في اي موقع اخر منذ ذلك الحين، بالرغم من
مواجهته لمآزق في اللمسات الاخيرة حالت دون انجاز غاياته من خلال توقف
القمر الصناعي ومن ثم عودته الى العمل لسبع مرات قبل ان يتم اطلاقه في
النهاية في العام 2004. بعد ذلك، وبعد ان وصل المجس الى المدار، تم اكتشاف
ان اشارات كهربائية كاذبة تعمل على تشويش البيانات المرسلة من المجس،
وتطلب الامر دراسة استغرقت خمس سنوات قبل ان يكتشف العلماء كيفية استخلاص
البيانات التامة الوضوح من المجس.

تم الكشف عن نتائج التحليلات الخاصة
بهذه البيانات، حيث اظهرت بان كوكب الارض حقا يعمل على انحناء علاقة الزمن
بالفراغ. وتم ايضا اكتشاف بان كوكب الارض، وهو يتواصل في دورانه، يعمل على
سحب علاقة الزمن بالفراغ معه، وهي ظاهرة معروفة بسحب الاطار. يعد التاثير
مشابها لتحريك ملعقة دائريا في كوب من الشاي، جاعلة السائل يتحرك كالدوامة
في داخل الكوب.

وبالرغم من كون هذه الظاهر بالغة
الصغر، الا انها يجب ان ترصد؛ ففي حالة سحب الاطار، فان الفراغ المحيط
بكوكب الارض يتحوّل بمعدل يبلغ 37 جزءا من واحد بالالف من الثانية في كل
عام لان كوكبنا يجره دائريا مع دورانه؛ وهو معدل تنبا به انشتاين."تمثل
نتائج المجس انجازا عظيما، غير اننا لا ينبغي ان نفكر بها كونها تمثل
اثباتا جديدا بان نظرية النسبية العامة هي امر صحيح." كما يقول غراهام
فارميلو، وهو فيزياوي مساهم في المشروع: "لقد تم اظهار انشتاين كونه دقيقا
منذ امد بعيد خلال عدة سنوات فقط اعقبت اتيانه بالنظرية. ومع هذا، فنحن ما
زلنا نختبر جميع ما تنبات به النظرية؛ والنتائج المستقاة من مجس الجاذبية
بي ما هي الا الحصيلة الاحدث والاكثر نجاحا."

في الواقع، فقد تم اثبات الافتراض
المنطقي لنظرية النسبية العامة لانشتاين خلال ثلاث سنوات بعد اعلانها في
العام 1916، حيث كان عالم الفلك البريطاني ارثر ادينغتون مع البعثة
الاستكشافية التي زارت جزيرة برينسايب في غرب افريقيا وقام بتصوير كامل
حالة الكسوف الشمسي التي حدثت في العام 1919. اظهرت الصور بان مواقع
النجوم التي اشعة ضياؤها عبرت بالقرب من الشمس تبيّن بانها قد تبدلت على
نحو بسيط جدا لان ضياؤها قد اتخذ مسارا مقوسا بسبب حقل الجاذبية الهائل
للشمس. هذا الامر كان لافتا