&& عندما يشاهد السائحون الجانب "المروع" من فيينا! &&

فيينا ـ "لا بد وأن يكون الموت من فيينا"..
ذلك هو عنوان أغنية للملحن الأمريكي من أصل نمساوي جورج كرايزلر.

ولعل القيام بجولة في العالم السفلي للمدينة النمساوية، بما يحويه من أقبية وجثامين محنطة ومتحف جنائزي ومدافن غريبة ، يؤكد وجهة النظر هذه.

في بداية شهر تشرين ثان/نوفمبر ، يتدفق مواطنو فيينا إلى مقبرة وسط المدينة لزيارة موتاهم بمناسبة عيد "كل القديسين" وعيد "كل الأرواح"، حيث يفد الآلاف منهم من أجل تنظيم ما يعد في الواقع موكبا جنائزيا بنكهة المهرجانات الشعبية.

ويلعب الأطفال، الذين يحملون البالونات وحلوى "غزل البنات"، بين شواهد القبور البالغ عددها 330 ألفا، بما في ذلك قبور الملحنين المشهورين برامس وشتراوس وبيتهوفن، بينما تحمل النساء المسنات اللائي ترتدين معاطف الفرو أكاليل زهور الأفحوان العملاقة.

وفي "القبو الإمبراطوري" في فيينا، الذي يقع أسفل كنيسة ودير "كابوتشين" ، ترقد جثامين أفراد عائلة هابسبورج ، التي كانت يوما ما واحدة من أبرز العائلات الملكية في أوروبا.

يوضح الأب فيليكس، من كنيسة "كابوتشين" ، أن هناك "12 امبراطورا و17 امبراطورة من بين إجمالي 146 شخصا يوارون الثرى هنا".

بيد أن ضريح الإمبراطورة ماريا تريزا هو الأكثر فخامة، وهو أمر ليس بمفاجئة نظرا لأنها أعدت تصميم تابوتها المعدني قبل أعوام من وفاتها.

ويزن الضريح المزدوج للإمبراطورة وزوجها ما يقرب من 1700 كيلوجرام ، بينما يحمل التابوت مشاهد من معارك استخدمت فيها المدافع والسيوف.

ورغم ذلك ، فإن أبرز تلك الأضرحة ذلك الذي يحوي جثمان الأمبراطورة النمساوية اليزابيث ، أميرة بافاريا وزوجة فرانسيس جوزيف التي اغتالها شاب فوضوي يدعى لويجي لوتشيني في جنيف عام 1898.

وعند كاتدرائية القديس ستيفن "ستيفانزدوم"، تقف العربات التي تجرها الخيول، والتي تعرف محليا باسم "فياكر" ، انتظارا لزبائنها ، حيث أن معظم الزوار لا يكونون على دراية بما يقع تحت أقدامهم من مقابر وسراديب وأقبية لا تعد ولا تحصى.
يقول مرشد الكاتدرائية برنارد ايرلاخ إن الأعضاء الداخلية لجثماين أفراد عائلة هابسبورج المدفونين هنا محفوظة في الكحول.

ونظرا للظروف المناخية الخاصة ودرجة الحرارة الثابتة في القبو، لا يزال أكثر من أربعة آلاف جثمان فيه محفوظة جيدا. ويمكن مشاهدة الجثامين المحنطة، عن طريق تجفيف الهواء، في توابيت مفتوحة ومزينة بالألوان، ذلك المشهد الذي يلجم أفواه معظم الزائرين.

أما عن المتحف الجنائزي ، فلطالما كان وجهة يقصدها السياح الزائرين للمدينة النمساوية. ويظهر المتحف الطقوس والتدابير والتقاليد الخاصة بدفن الموتى حتى أوائل القرن العشرين. ويضم المتحف ألفا من المعروضات ، بينها جماجم مرسومة بالأيدي ، رغم أن المتحف يخطط لمواكبة العصر.

يقول مدير المتحف فيتيجو كيلر: "دائما ما يكون هناك صفوف لاغتنام فرصة الرقود في تابوت".

وليست الحياة مريحة للغاية بالنسبة للأموات المدفونين فيما تعرف باسم "مقبرة المجهولين".

يقول جوزيف فوشز الابن، الذي يرعى المقابر الصغيرة الكائنة على الضفة اليسرى لنهر الدانوب ، مثلما فعل اباه وجده من قبله "غالبا ما ترقد هنا جثامين ضحايا لعمليات الانتحار وأولئك الذين فقدوا أرواحهم في حوادث وجرفتهم مياه نهر الدانوب".

فمعظم الصلبان التي توجد على شواهد القبور تحمل كلمة "مجهول" التي تقشعر لها الأبدان، في حين أن عددا قليلا منها لا يحمل سوى اسما مسيحيا.