المجتمع الرقمي الجديــــــــد

تعد الشبكة العنكبوتية ”الانترنت“ واحدة من اعظم الاختراعات البشرية واكثرها تأثيرا في القرن الواحد والعشرين، اذ عبرها تمكنت البشرية من الافادة في المجالات كافة كالتعليم والتجارة والصحافة.. الخ

[b]الامر الذي دفع الكثير من المتخصصين الى عدها المنافس الكبير للتلفزيون والمطبوعات بانواعها وزاد قسم منهم بالقول انها في الطريق لازاحتهما.
ان ظهور الشبكة العنكبوتية”الانترنت “ ودخولها الكثير من مجالات الحياة، ادى الى ظهور العديد من الوسائل الاخرى التي استخدمها الانسان كنتاج لهذه الخدمة، وبما ان الزمن الذي نعيشه حاليا اصطلح على تسميته بعصر العولمة، اذ لا تكاد تظهر فكرة او شيء في اي مكان حتى نجدها قد انتشرت شرقا وغربا بفضل التقنيات الحديثة التي حولت العالم الى قرية كونية صغيرة ترتبط بالانترنت.
لا يتوقف الامر عند هذا الحد فمن المعلوم ان العلم عبر ثوراته المتعددة يعمل على تغيير الكثير من الافكار والعادات فضلا عن قدرته الكبيرة على التأثير في انماط وسلوك البشر والمجتمعات، وهذه الثورة المعلوماتية او الفضاء المعلوماتي كان له تأثير كبير في مجال علم الاجتماع، نتج عنه ظهور علم جديد يدرس الآن في الكثير من الجامعات الغربية باسم”علم الاجتماع الآلي “ يركز على المنظور التكنو-اجتماعي للحياة البشرية الآلية”الانسان - الآلة “ وهو ما يعرف بالفضاء السايبيري.
وفي نظرة تحليلية لهذا العلم الجديد نجده يلتقي بمباحث العلوم الانسانية والطبيعية، فالحاسوب قائم على دمج الكثير من معطيات العلوم كالرياضيات والمنطق واللغة والهندسة … الخ، مثلما علم الاجتماع الذي يجمع مباحث علوم الفلسفة والتاريخ والاقتصاد والسياسة والانثروبولوجيا والاحصاء.. الخ، ما يعني ان علم الاجتماع الآلي يجمع كل ذلك، اي علمي الحاسوب والاجتماع.
ان هذا الحقل المعرفي الذي يجري الحديث فيه عن الكائن الالكتروني الذي قلب منظور علم الاجتماع للواقع الانساني من واقع حقيقي الى واقع افتراضي سايبيري، يحاكي البيئة الاجتماعية الطبيعية في العقل والتصور والخيال واللغة والرمز الخ.. والذي يمكننا من زيارة مدن ومواقع وشركات واشخاص تمارس دورها الطبيعي على هيئة عالم ثلاثي الابعاد عبر تحويلها الظاهرة الاجتماعية الحقيقية الى ظاهرة رقمية يمارس فيها الفرد نشاطه مع افراد حقيقيين عبر وسائط متعددة دون سلوك حركي واضح وهو ما ينمي بالتنميط والتغريز ظهور مجتمعات بديلة يطلق عليها المجتمعات الافتراضية وما يفرضه من تغيرات موضوعية تستدعي البحث والعمل المنهجي.
هذا العالم يقودنا الى محطات مهمة مثل الحديث عن مجتمع الحاسوب وتطوير علم الاجتماع وغيرها، لتحقيق تقدم في المجال العلمي والمعرفي كذلك خلق رؤى جديدة وحقيقية تتعامل مع حقائق جديدة في عالم الانسان والحاسوب.
هذا المنظور الاجتماعي الجديد مبحث الثقافة الرقمية التي تتكون وتتشكل معالمها على شبكات الحواسيب المحلية والعالمية، كيف ستكون اشكالها؟ وما هي ملامحها او منطلقاتها وتأثيراتها؟ وهل بات الانسان على مقربة ليسلم الراية الى انسان جديد، خلقه بخصائص تكنولوجية واضفى عليه صفات انسانية؟ اسئلة تضعنا بمواجهة معضلة الهوية الآلية والكينونة الجديدة ناقلة ايانا لعصر بملامح مختلفة عن العصور السابقة، اسئلة سنترك الاجابة عنها للمستقبل القريب.